DW - " وكالة أخبار المرأة "
تسعى الشركات إلى تحقيق المكاسب والأرباح المالية في المرتبة الأولى وقد تكون كلمة السر في هذا الأمر في إفساح المجال أمام المرأة لتولي مناصب إدارية رفيعة وهو ما أثبتته الدراسات واحدة تلو الأخرى. فقد كشفت شركة "ماكنزي" الرائدة في مجال الاستشارات الإدارية العام الماضي أن الشركات التي تتمتع بتنوع أكبر بين الجنسين من المرجح أن تحقق أرباحا أعلى بنسبة 25 بالمائة مقارنة بغيرها من الشركات. ورغم نتائج مثل هذه الدراسات، إلا أن الرجال لا يزالون يمتلكون اليد العليا في المناصب الإدارية للشركات المدرجة في البورصة الألمانية.
لكن هذا العام حمل بعض النتائج الجيدة فقد أُحرز بعض التقدم، إذ شغل 603 رجلا و 93 امرأة في مناصب عليا في المجالس التنفيذية في 160 شركة تشكل المؤشرات الرئيسية في البورصة الألمانية في سبتمبر / أيلول 2021 وفقا لمؤسسة AllBright- وهي مؤسسة ألمانية-سويدية سياسية غير ربحية.
وفي ذلك، قالت سفين هاغسترومر من مؤسسة AllBright "أشعر بالحسرة لإهدار الموارد، عندما لا تساعد النساء المتعلمات في تشكيل اقتصادنا ومجتمعنا على قدم المساواة مع الرجال. إن هذا الأمر لا يمكن استمراره خاصة في ضوء نقص العمال المهرة وتقدم الكثير من سكان (ألمانيا) في العمر".
وفي حالة استمرار معدل تمكين المرأة في شغل المناصب العليا في المجالس التنفيذية لهذه الشركات المئة والستين على النحو الذي سجلته دراسة مؤسسة AllBright لأول مرة قبل خمس سنوات فقد يتطلب الأمر قرابة 26 عاما لسد فجوة المساواة بين الجنسين في المجالس الإدارية لهذه الشركات. وفي حال تسارع وتيرة هذا التمكين على النحو الذي تم تسجيله العام الماضي فسوف تتقلص هذه الفترة إلى أحد عشر عاما.
"دورة توماس"...المعضلة؟
ولا يمكن التطرق في الحديث عن تمكين المرأة ألمانية في المناصب الإدارية العليا دون الحديث عن ما يُعرف بـ "دورة توماس" وهو الأسم الأكثر شيوعا في ألمانيا عند الحديث عن نمط إداري لا يزال يمثل معضلة في الشركات الألمانية.
وتقوم "دورة توماس" على أنه عند البحث عن أعضاء جدد ليشغلوا مناصب في المجالس التنفيذية ترغب القيادات القديمة في ترك مناصبها لأعضاء جدد يشبهونها عندما يتعلق الأمر بالجنس والتعليم والعمر والخلفيات الثقافية.
ويعني هذا أن اقتصاديين من الذكور في عمر الخمسينات وينحدرون من ألمانيا الغربية السابقة يشغلون نسبة كبيرة في مناصب المجالس التنفيذية في الشركات المائة والستين المدرجة في البورصة الألمانية. ولم تكن النساء فقط ضحية لتطبيق"دورة توماس"، بل امتد الأمر لأطياف عديدة من المجتمع الألماني إذ شكل الألمان الذين أكملوا دراستهم في ولايات ألمانيا الشرقية السابقة نسبة 2٪ فقط من أعضاء مجلس الإدارة هذا العام مقارنة بنسبة لا تتجاوز واحد بالمائة العام الماضي.
احراج دولي لألمانيا
وبناء على هذه الأرقام، تبقى ألمانيا في مرتبة متدنية في صفوف الدول المتقدمة فيما يتعلق بتقلد النساء مناصب رفيعة في إدارات الشركات الكبرى. فعلى سبيل المثال في المملكة المتحدة والسويد وفرنسا، فإن نسبة شغل النساء مناصب إدارية تعد أكبر من ألمانيا إذ تشغل سيدتان على الأقل مناصب في المجالس التنفيذية للشركات في هذه الدول.
أما في الولايات المتحدة وفرنسا، فقد وصل الأمر إلى أن النساء يشغلن مناصب في المجالس الإدارية في قرابة 83 إلى 97 بالمائة من الشركات الكبرى فيما لا تتجاوز هذه النسبة في ألمانيا أكثر من 23 بالمائة فقط.
وفي الوقت الذي تضم الشركات الثلاثين المدرجة في مؤشر داو جونز مديرات تنفيذيات، لا تزال في ألمانيا مجالس الإدارة في أربع من أكبر ثلاثين شركة مؤلفة بالكامل من الرجال. وربما تكون مجموعة دويتشه تيليكوم الألمانية للاتصالات وشركة السيارات الألمانية دايملر وهما من أكبر الكيانات الاقتصادية في البلاد هما الأقرب في تحقيق التكافؤ بين الجنسين إذ تشغل النساء نسبة 38٪ من المناصب في مجالس الإدارة التنفيذية.
القانون الألماني يؤيد المساواة
وقد يصعب فهم هذا الوضع الحالي رغم مرور عشرين عاما على تعهد الشركات الألمانية بشكل صريح وعلني بتشجيع تولي نسبة أعلى من النساء مناصب إدارية. وبالنظر إلى تعاطي الحكومات الألمانية المتعاقبة مع قضية المساواة بين الجنسين في المناصب الرفيعة فقد أقرت الحكومة عام 2016 حصة لتولي النساء مناصب في مجالس الإشراف لدى الشركات الكبرى المدرجة في البورصة بحيث لا تقل هذه النسبة عن 30٪ في الشركات التي يصل عدد موظفيها إلى أكثر من ألفي موظف.
ومنذ أغسطس / آب الماضي، تم تطبيق حصة أخرى في شغل المرأة مناصب إدارية أخرى إذ يجب أن تشغل امرأة واحدة على الأقل الآن عضوية المجلس التنفيذي للشركات المدرجة في البورصة وكذلك في الشركات التي لديها عدد كبير من الموظفين. أما بالنسبة للشركات التي تمتلك فيها الحكومة الفيدرالية الأغلبية، فهناك قواعد أكثر صرامة في صالح تولى النساء مناصب إدارية عليا.
اترك تعليقا: