السيدة أم وهب - واحدة من عِبر التأريخ


 

أم وهب

هي بنت نمر بن قاسط و زوجة عبد اللّه بن عمير الكلبي، وقصتها هي أن زوجها عندما رأى الناس يستعدون ويتجهَّزون بالنخيلة للذهاب إلى قتال سبط رسول الله (ص) الامام الحسين بن علي (ع) عَزَمَ على الذهاب لنصرته ومقاتلة هؤلاء الناس، قائلاً : واللّه لقد كنت على جهاد أهل الشرك حريصاً، وإني لأرجو ألاّ يكون جهاد هؤلاء الذين يغزون ابن بنت نبيهم أيسر ثواباً عند اللّه من ثوابه ايّاي في جهاد المشركين.

وعندما أخبر زوجته أم وهب وأعلمها بما يريد أن يفعله، قالت هذه المرأة الرشيدة والمؤمنة: أصبت، أصاب اللّه أرشد امورك، افعل وأخرجني معك، فخرج بها ليلاً حتى اتى الامام الحسين (عليه السَّلام) بكربلاء فأقاما معه، حتى صار يوم عاشوراء فلما برز يسار وسالم من جيش عمر بن سعد، قام عبد اللّه بن عمير الكلبي، فقال مخاطباً الحسين (عليه السَّلام): أبا عبد اللّه رحمك اللّه ائذن لي في الخروج اليهما.

فقال الحسين: إني لا حسبه للاقران قتّالاً، اخرج إن شئت، فخرج اليهما مرتجزاً وتقاتل معهما فقتلهما جميعاً بعد تراشق بالالفاظ . عندها أخذت ام وهب عموداً وأقبلت نحو زوجها وهي تقول له: فداك أبي وأمي قاتل دون الطيبين ذرية محمد، فاقبل اليها يَرُدَّها نحو النساء، فأخذت تجاذب ثوبه وهي تقول: إني لن أدَعَك دون أن اموت معك، فناداها الحسين (عليه السَّلام) وقال: جزيتم من أهل بيت خيراً، ارجعي رحمك اللّه إلى النساء فاجلسي معهن، فإنه ليس على النساء قتال.

وعندما قتل زوجها خرجت أم وهب تمشي إليه حتى جلست عند رأسه تمسح عنه التراب وهي تقول: هنيئاً لك الجنة، فقال شمر بن ذي الجوشن لعنه الله لغلام يسمى رستم : اضرب رأسها بالعمود، فضرب رأسها فشدخه فقتلت رحمها اللّه، وهي أول امرأة استشهدت في كربلاء مع الإمام الحسين (ع).

وروي أن أم وهب كانت تحث ابنها على القتال قائلة له: "قم يا بني فانصر ابن بنت رسول الله"، فاستأذن الحسين عليه السلام وانحدر إلى المعركة فقاتل حتى قتل جماعة ورجع إلى أمه، وقال: "أرضيتِ يا أماه"! فقالت: "لا أرضى حتى تقتل بين يدي أبي عبد الله".

فخرج من فوره وقتل تسعة عشر فارساً واثني عشر راجلاً، وقطعوا يمينه فصار يقاتل بشماله فقطعوا شماله، فأخذت زوجته عموداً من حديد وانحدرت إلى المعركة تقاتل معه، ولما لم يكن له بد من إرجاعها فانه عض بأسنانه على ثيابها ليرجعها إلى الخيمة فأفلتت نفسها منه وعادت إلى الحرب، فاستغاث بالحسين عليه السلام، فقال: جزيتم من أهل بيت خيراً، ارجعي إلى النساء بارك الله فيك فانه ليس عليكن قتال"، ولم يزل بها حتى أرجعها، فوقفت تنظر ما يكون من زوجها حتى قتل، فجاءت وجعلت تخضب شعرها بدمه، وتمسح جبينها بنحره، فأمر الشمر غلاماً يقال له رستم فضربها بعمود من الحديد فصرعت إلى جنب زوجها.

وحمل جسد وهب إلى ابن سعد (قائد حملة الأعداء) فجعل ينظر إليه ويقول: "ما أشد صولتك" وأمر بقطع رأسه ورمي به إلى معسكر الحسين عليه السلام فأخذته أمه وجعلت تمسح الدم والتراب عنه وتقول: "الحمد لله الذي بيّض وجهي بشهادتك بين يدي أبي عبد الله"، ثم قالت: "الحكم لله يا أمة السوء، إن النصارى في كنائسها، واليهود في بيّعها لخير منكم"، ثم رمت برأس ولدها نحو عسكر ابن سعد، ومن عجيب الاتفاق ما ذكر من أن الرأس قد أصاب صدر قاتل وهب وقتله.

شارك المقالة عبر:

اترك تعليقا: