سميرة الموسوي ||
لمناسبة ولادة الامام الحسن عليه السلام الامام الحسن عليه السلام ومع كل الشمائل والصفات التي إستحقها بجدارة فقد كان حكيما فائق الحكمة في عمليته السياسية ولا سيما مع معاوية بن أبي سفيان ،ومجمل الظروف البالغة الدقة والتعقيد في ظل الخلافة الاموية حيث بدأ تحريف الاسلام المحمدي والخلافة وتحول الحكم الى ملك عضوض ،وعندئذ بدأت صناعة الاسلام الموازي الذي جرف مباديء الرسالة وأحل محلها فقها يهدف الى تمكين الحاكم الظالم على رقاب المسلمين من خلال تأويل النص القرآني بتدبرات خبيثة النيات تضع مسوغات للهيمنة على الاقتصاد والسياسة بقوة السيف وتجييش الجيوش للدفاع عن الملك العضوض لقاء الرواتب والهبات والعطايا ، وقبل إشتداد هذه الظروف ووصولها الى مدياتها القصوى من الانحراف أوصى إمام المتقين عليه السلام لابنه الحسن بالامامة ومن بعده لأخيه الحسين عليهما السلام ثم بويع بالخلافة في ٢١ من رمضان سنة ٤٠ هجرية ومدة إمامته ١٠ سنوات وتم الصلح بينه وبين معاوية سنة ٤١ هجرية ، وكان النقش على خاتمه ( حسبي الله لا إله إلا الله الملك الحق المبين العزة لله وحده )
__ وقد تجلت حكمته وحنكته السياسية بالمناورة المقتدرة ،أي مداراة الظروف بتمكين القوة وليس بالضعف وكذلك بقدرته على جهاد التبيين الذي فضح به سياسة بني أمية ونيات معاوية.
__ وقد إكتنفت حياة المجتبى الكثير من الضبابية عند بعض الجهلة من المسلمين وحتى لدى بعض أتباعه وكذلك لدى بعض أفراد الجيش الذي أعده لحماية المسلمين من الحكم الاموي الظالم ،فحين عقد السبط المجتبى ( الصلح ) مع معاوية إختلطت الامور وبلا روية عند المسلمين ولم يحاولوا تدبر هذا الصلح بحيث يرقى الى مستوى عقلية سبط الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وما توخاه من مصلحة عظيمة للدين ولاهل البيت عليهم السلام ، ورُوي عن أبي سعيد أنه قال؛ قلت للحسن المجتبى : يا إبن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لمَ داهنت معاوية وصالحته وقد علمت أن الحق لك دونه وأن معاوية ضال باغ ، فقال عليه السلام / سخطتم عليّ بجهلكم بوجه الحكمة فيه ولولا ما أتيت لما ترك من شيعتنا على وجه الارض أحدا إلا قتل ) .
__ وينبغي القول أن ثمة فرقا بين الصلح ( المعاهدة ) والبيعة وما فعله المجتبى معاهدة وليس بيعة لمعاويةعلى الاطلاق لان الامام إشترط أن لا يسمي معاوية ( أمير المؤمنين ،كما ينبغي القول أن الصلح كان فترة مهمة إستطاع فيها الامام المجتبى أن يكشف فيه إنحراف معاوية وبني أمية عن جادة الصواب ،وأكد للمسلمين أن معاوية لا وفاء له ،ولا سيما أن معاوية قال ( .. ألا أن كل شيء أعطيته للحسن بن علي تحت قدمي هاتين لا أفي به) ،وهذه الافكار السلطوية الاموية المرتدة عن الاسلام لم تكن صعبه على تدبر الامام المجتبى لاحوال الظالمين وما يبطنون ، ولذلك مضى في طريق الصلح لكي يحفظ حياة أهل البيت ويفضح بجهاد التبيين نيات بني أمية وهذا الامر أدى الى أن تنضج الاحوال لأعظم ثورة إسلامية إنسانية وهي الثورة التي قادها الامام الحسين عليه السلام .
__ ولكي نثبت كل ما ذكرناه نورد بعض بنود الصلح التي أكدت عظمة الامام المجتبى في حنكته السياسية وكيف كانت تلك البنود بحد ذاتها جهادا تبيينيا عرّت ظلم بني أمية ، ولذلك فإن سيرة الامام المجتبى تعد مدرسة في القدرة على إستثمار الظروف لصالح الحق والعدل والكرامة الانسانية .
ولننظر الى بعض بنود الصلح بتبصر وهي :
١__ أن يعمل معاوية بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .وسيرة الخلفاء الصالحين
٢__ الناس آمنون حيث كانوا في العراق والشام والحجاز وتهامة .
٣__ أمان الشيعة وأصحاب علي عليه السلام على أنفسهم وأموالهم ونسائهم وأولادهم .
٤__ أن لا يسميه أمير المؤمنين .
٥__ أن لا يقيم عنده شهادة .
٦__ ترك سب الامام علي عليه السلام .
٧__ أن لا يتعرض للشيعة بسوء ويصل الى كل ذي حق حقه.
__ هكذا تجلت حنكة المجتبى السياسية والاقتصادية والتنظيمية ، حيث عبر بأهل البيت الى بر الامان ليكونوا سفن النجاة للمسلمين وللانسانية جمعاء وستبقى ثورتهم الى يوم الدين فيما إنقطع عقب بني أمية وصاروا ملعنة اللاعنين .
… إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا .
اترك تعليقا: