إيمان عبد الرحمن الدشتي ||
قال أبو الزهراء المصطفى محمد (صلى الله عليه وآله وسلم): ما استقامَ الإسلامُ إلا بسيفِ عليٍّ وأموالِ خديجة.
يوم ارتحلت أم المؤمنين "خديجة بنت خويلد" سلام الله عليها، صب الحزن على قلب النبي المصطفى (صلى الله عليه وآله) حتى عدَّ ذاك العام الذي توفيت به "عام الحزن" فقبل ثلاثة أيام من وفاتها كان قد فقد كفيله ومحاميه عمه أبا طالب عليه السلام.
مثلت السيدة خديجة الكبرى عليها السلام، الركن الوثيق الذي أسند الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) ودينه، فقد كانت له نعم المؤازر والمعين على تحمل أعباء نشر الدعوة الإسلامية، وهذا ما أكَّده بأبي هو وأمي مرات عدة، إحداها حين استشكلت عليه عائشة إستمراره بالثناء على خديجة رغم رحيلها، محاولة إقناعه بأن الله قد أبدله خيرا منها! فأجابها قائلا: ما أبدَلَني اللهُ عزَّ وجلَّ خَيرًا منها، قد آمَنَتْ بي إذ كفَرَ بي الناسُ، وصدَّقَتْني إذ كذَّبَني الناسُ، وواسَتْني بمالِها إذ حرَمَني الناسُ، ورزَقَني اللهُ عزَّ وجلَّ ولَدَها إذ حرَمَني أولادَ النِّساءِ.
خديجة الكبرى (سلام الله عليها) كانت من أشراف قريش، ذات مكانة ووجاهة في قومها بنسبها وحسبها وخُلُقها وثرائها، فزادها الله شرفاً حين جعلها حليلة خاتم الأنبياء والمرسلين (صلوات الله وسلامه عليه وآله) فقد أعانته في أحلك الظروف التي مر بها في تبليغه الدعوة الإسلامية، وما قبل ذلك أيضا عندما كان يختلي في غار حراء للتعبد، فتعينه وتعاضده وتهيء له زاداً لخلوته، وقد قدمت بين يديه كل أموالها خدمة للدين، وتحملت معه جور الحصار الذي فرضته قريش على شعب أبي طالب، ومقاطعة نسوتهم لها.
كانت مؤازرة الزوجة الصالحة والوفية المخلصة خديجة، مع بسالة سيف الإسلام وقوته الضاربة المتمثلة بأمير المؤمنين عليهما السلام، بالغ الأثر بإقامة الدين الإسلامي ونهضته، ونشره في مجتمع جاهلي لم يكن يعرف للتكامل طريقاً، فحباها الله وجعلها حضناً لأم الأئمة سيدة النساء فاطمة الزهراء عليها السلام، وبذلك صارت جدة "للأئمة المعصومين" (الحسن المجتبى وأخيه الحسين الشهيد والتسعة المعصومين من ولده عليهم جميعاً صلوات الله وسلامه) وهذا التكريم من لدن خالق الأكوان يُعدُّ عرفاناً وامتناناً لتضحياتها الجسام، ولم ينقطع هذا التكريم حتى عندما توفيت فكان كفنها هدية جادت عليها به السماء.
السلام على زوجة محمدٍ النبي، السلام على من قام الدين بمالها وسيف علي، السلام على جدة المذخور لإظهار الإسلام الجليّ، حين ولدت وحين ماتت وحين تبعث حيَّة.
اترك تعليقا: