ليالي القدر مرتع الأرواح


 كوثر العزاوي ||

 

لا شك أن المؤمن يعيش قبل ليالي القدر مشاعر المترقّب كما الطالب المُقبِل على امتحان مصيريّ في آخر السنة، حتى أننا نلاحظ مَن تدنّى مستواه الدراسي، عندما يقترب موعد الامتحانات يعيش حالة من الاضطراب والوجل، ولعلّ المثال ينسجم مع الكثير وانا منهم ونحن نعدّ الساعات لحلول ليالي القدر المباركة، والأمل يحدو بنا لإحراز ليلة قدرٍ مميّزة نحلّق معها في فضاء افتتاحها وبهائها في سَحَرها وفَجرها لننال ذلك الشرف المعلّى والقدر العظيم عند الباري"عزوجل"، ونحن نعلم أن فيها ما يكون في تلك السنة ومايُكتَب، كما انها ليلة القضاء كما ورد عن الإمام جعفر الصادق"عليه السلام"{في ليلة تسعة عشر من شهر رمضان "التقدير"، وفي ليلة إحدى وعشرين "القضاء"، وفي ليلة ثلاث وعشرين"إبرام" ما يكون في السنة}إذن: استعداد وعمل وسلام هي حتى مطلع الفجر!

كما أنّ الأمر يُلزمنا برمجة دقيقة على مستوى شحذ الهمّة وشدّ العزم وطوبى لمَن أحسَنَ عمله في تلك الليلة المخفية بين ليلتين، وقد تهيأ وتعبّأ وأعَدَّ واستعدّ، عسى أن يكون قد أدركها ورعى حقها، فإنّ من الحكمة الإلهية أن يجعل ليالي القدر مع فاصلٍ بين ليلة واخرى لثلاث ليالٍ سويّا، وهذا بلاشك من حكمته تعالى وبيان إتقان صنعه وخَلْقه، ليهيئ الإنسان نفسه للَّيلةِ الآتية، فيما إذا رأى تقصيرًا في اول الليلة فيتدارك امره، والجدير بالذكر، بأن على سنامِ ليالي القدر هي الليلة "الثالثة والعشرين" كما وردت الروايات المعتبرة، وأن المؤمن حريص عادة على إحراز الأفضل وفضائله، فيكرس جهده بالاستغفار من تراكماتٍ لسنةٍ كاملة مضت، حاملة في ثناياها من الغفلات والشهوات والمُلهِيات مايوجب الاستغفار والإنابة!

ومن هنا ينبغي أن لاتمرّ هذه الليالي على عاقلٍ دون أن يعرف معنى {ليلة القدر خير من ألف شهر} وماعظمتها وقداستها ثم لايُصيبُ منها مَغنَما! كما لايُعقَل أن يتعامل معها بالتغافل مَن عرف قدرها فيجعلها ليلة عادية تمرّ ساعاتها وهي الزاخرة بالرحمات المحمّلة بالبركات، فيشمّونَ عبقها ولا يتذوقون رحيقها ولايغترفون من مَعينها، فأيّ فاقة وحرمانٍ يُطوّق أرواحًا لتكون من المحرومين حقًا!!

فاغتنِموا الفرص، فإنها تمرُّ مرَّ السحاب!

 

١٧-رمضان١٤٤٤هج

٨نيسان٢٠٢٣م

 

شارك المقالة عبر:

اترك تعليقا: