مقتَلُ"عليّ" فوزٌ لاخسران، وخلودٌ لانهاية..

 مقتَلُ"عليّ" فوزٌ لاخسران، وخلودٌ لانهاية..

كوثر العزاوي ||

 

عندما نبحُر في عمق التاريخ الأنساني الطويل لم نجد بعد الرسول"صلى الله عليه وآله وسلم" رجلًا  كاملًا كالإمام علي بن إبي طالب"عليه السلام" تجلّى فيه الخير وحمل كلّ الصفات والفضائل والمناقب والمحاسن الأخلاقية والإنسانية منذ أقرَّ إيمانَهُ بالرسول وصدّق بالرسالة النبوية، وللتاريخ حق وفخر أن يخلّد الإمام عليّ"عليه السلام" مابقيت الحياة وإلى يوم القيامة، وليس للتاريخ فضل إنما لعليّ عليه السلام فضلٌ عظيم على الأمة عندما نصَعت شامخة بتاريخه المطرّز بألوان المواقف العظيمة والمناقب الباهرة، ليبقى نهجًا خالدًا وحبلًا ممتدًا إلى يوم القيامة، فهو أول من نصر الأسلام بسيفهِ عندما برزَ في معركةِ الخندق بمواجهة عمر بن ودٌ العامري التي عَدَلت ضربة سيفهِ آنذاك عبادةُ الثقلين، وهو اول من افتدى رسول الله بنفسهِ يوم المبيت بفراشه "والموقف مشهور ومعروف" والتاريخ حافل بما جادَ به عُمرُ عليٍّ على الأمة الإسلامية من عطاءٍ ثرّ حتى آخر ثلاثة أيّام من عمره الشريف بعد أن ضُرِّجت هامتهُ المباركة بدم الشهادة من لَعين باع شرفه وآخرته لباغية مقابل اغتيال عدلِ القرآن، وطوال تلك الأيّام الثلاثة كان"عليه السلام" يلهج بذكر الله والرضا بقضائه والتسليم لأمره، ثم عهد بالإمامة إلى إبنه الإمام الحسن"عليه السلام"

يقول الأصبغ: {فدخلت وإذا بالإمام أمير المؤمنين مسجّى على سرير المرض، وقد شُدَّ موضع جرحه بعصابة صفراء، فلم أستطع أن أُميِّز أيهما أشد صفرة، وجهه أم العصابة! وكان"عليه السلام" يُغمى عليه حينًا، ويفيق حينًا آخر}، ورغم ذلك لم يترك هداية الناس حتّى وهو في هذه الحالة، أصدر الوصية تلو الوصية، في حضرة وَلدَيهِ الحسن والحسين داعيًا لإقامة حدود الله عزّ وجلّ، مُحذِّرًا من الهوى والتراجع عن حمل الرسالة الإسلامية.

ومن وصيّته"عليه السلام" التي خاطب بها الحسن والحسين"عليهما السلام"وأهل بيته وأجيال الأُمّة الإسلامية في المستقبل مايلي:

{أوصيكما بتقوى الله، وألاّ تبغيا الدنيا وإن بَغتكما، ولا تأسفا على شيء منها زُويَ عنكما، وقولا بالحقّ، واعملا للأجر، كونا للظالم خَصمًا، وللمظلوم عونًا، أوصيكما وجميع وُلدي وأهلي ومَن بَلغهُ كتابي، بتقوى الله، ونَظم أمركم، وصلاح ذات بينكم، فإنّي سمعت جدّكما"صلى الله عليه وآله"يقول: صلاح ذات البين أفضل من عامّة الصلاة والصيام، الله الله في الأيتام، فلا تُغبّوا أفواههم، ولا يضيعوا بحضرتكم، الله الله في جيرانكم، فإنّهم وصية نبيّكم، ما زال يوصي بهم حتّى ظننّا أنّه سيورثهم.

الله الله في القرآن لا يسبقكم بالعمل به غيركم، الله الله في الصلاة، فإنّها عمود دينكم، الله الله في بيت ربّكم، لا تُخلّوه ما بقيتم، فإنّه إن تُرك لم تناظروا، الله الله في الجهاد بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم في سبيل الله، وعليكم بالتواصل والتباذل، وإيّاكم والتدابر والتقاطع، لا تتركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فيُولّى عليكم أشراركم، ثمّ تدعون فلا يستجاب لكم}

بالله عليكم، فأي حياة ستستقيم بلا هديِ عليّ وحق عليّ الذي يدور معه حيث دار، فهل بعد هذا النهج العمليّ الحياتيّ من نهج؟!!

السلام عليك يا أمير المؤمنين،

‏كُنتَ لِلمُؤمِنِينَ أَبًا رَحِيمًا إِذ صارُوا عَلَيكَ عِيالاً فَحَمَلتَ أَثقالَ ما عَنهُ ضَعَفُوا..

 

١٩-رمضان١٤٤٤هج

١٠-نيسان٢٠٢٣م

 

شارك المقالة عبر:

اترك تعليقا: