البذاءة أصل الشر والمعاصي




 البذاءة أصل الشر والمعاصي 

مما لا شك فيه أن شريف النفس لا يستسهل الألفاظ القبيحة؛ حتى لا يكون أهلاً لمقت الله، واستخفاف الناس بشخصه، ولا شك أن بذاءة اللسان مذمومة ومنهي عنها،ولا شك أيضا أن الألفاظ القبيحة كثيرة.   

الباعث على البذاءة:  

ومصدر البذاءة الخبث واللؤم، والباعث عليها إما قصد الإيذاء وإما الاعتياد الحاصل من مخالطة الفساق وأهل الخبث واللؤم لأن من عادتهم السب. 

وفي كل الأحوال فقد نهى الله عن البذاءة والمجاهرة بالألفاظ القبيحة في قوله تعالى: {لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعاً عَلِيماً} [النساء:148]. بل بيَّن الله في كتابه أن ذلك من صفات المنافقين الذين وصف الله حالهم مع المؤمنين فقال: {أشحة عليكم...}[الأحزاب:19]. 

فالمؤمن لا يجاري السفهاء وأصحاب الخلاعة والبذاءة، بل يحافظ على مروءته صيانةً لنفسه، وقد قيل: احتمال السفيه خير من التحلي بصورته، والإغضاء عن الجاهل خيرٌ من مشاكلته. وقال بعض الشعراء: 

احفظ لسانـك إن لقيت مشـاتمًا   **   لا تجـريـن مـع اللئيـم إذا جـــــــــــرى 

من يشتري عرض اللئيم بعرضه   **   يحوي الندامة حين يعرض ما اشترى   

من مواضع البذاءة والفحش: 

هناك الكثير من المواضع والأوقات التي يلجأ فيها بعض ضعاف الإيمان ومن ساءت أخلاقهم للبذاءة، يقول احد العرفاء: ومواضع ذلك متعددة ويمكن حصرها في كل حال تخفى ويستحيا منها، فإن التصريح في مثل هذه الحال فحش وينبغي الكناية عنها. وأكثر ما يكون في ألفاظ الوقاع وما يتعلق به، فإن لأهل الفساد عبارات صريحةً فاحشة يستعملونها. وأما أهل الصلاح فإنهم يتحاشون عنها ويدلون عليها بالرموز فيذكرون ما يقاربها ويتعلق بها، ألم تر أن الله عز وجل كنى باللمس عن الجماع، ولذلك فإنه تستعمل ألفاظ مثل المس واللمس والدخول والصحبة.. 

ويدخل الفحش أيضًا والبذاءة في ذكر النساء والكلام عنهنَّ.. وكذلك يدخل في ذكر العيوب التي يستحيا منها كالأعرج والأقرع..، فلا ينبغي أن يُعبر عنها بصريح اللفظ. 

وقد عدَّ رسول الله صلى الله عليه وآله البذاءة شعبة من النفاق، وأخبر أن الله عز وجل يبغض الفاحش البذيء فقال:  «وإن الله ليبغض الفاحش البذيء». 

كما بين صلى الله عليه وآله أن البذاءة طريق إلى النار فقال:  «الحياء من الإيمان والإيمان في الجنة، والبذاءة من الجفاء والجفاء في النار». 

و من البذاءة استعمال أسماء الحيوانات لوصف الإنسان بها،  فمن الألفاظ المذمومة المستعملة في العادة قول الشخص لمن يخاصمه: يا حمار، يا تيس، يا كلب، ونحو ذلك، فهذا قبيح من وجهين: أحدهما أنه كذب، والآخر أنه إيذاء. 

إذا كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد نهى عن سبِّ الديك فقال:  «لا تسبوا الديك فإنه يوقظ للصلاة». فهل يليق بنا أن نسب خلق الله الذين شهدوا شهادة الحق؟!.  

النبي (ص) وأئمة أهل البيت عليهم السلام  يحذرون من البذاءة: لقد كانوا (ع) أبعد الناس عن البذاءة والفحش، كما كانوا من أعظم الناس تحذيرًا من هذه الآفة العظيمة التي لا يبتلى بها إلا من ضعف إيمانه، قال الإمام الصادق (ع) " إن الفحش والبذاءَ والسلاطة من النفاق. وعنه عَلَيْهِ اَلسَّلاَمُ فِي حَدِيثٍ قَالَ: إِنَّ اَلْحَيَاءَ وَ اَلْعَفَافَ وَ اَلْعِيَّ أَعْنِي عِيَّ اَللِّسَانِ لاَ عِيَّ اَلْقَلْبِ مِنَ اَلْإِيمَانِ وَ اَلْفُحْشَ وَ اَلْبَذَاءَ وَ اَلسَّلاَطَةَ مِنَ اَلنِّفَاقِ.

 و قال الشاعر: 

انطـق مصيـبًا لا تكـن هَــــــــذِرًا   **   عَيَّابةً ناطقـًا بالفحـش والريـــب 

وكن رزينًا طويل الصمت ذا فكر   **   فإن نطقت فلا تكثر من الخطب 

ولا تجب سائلاً من غير ترويـــة   **   وبالـذي لم تُسـل عنه فـلا تُجــب 

نسأل الله أن يطهرنا من جميع ما لا يرضيه، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وآله الطاهرين.


شارك المقالة عبر:

اترك تعليقا: