حين تكون الأحلام أكبر من الليل

 



حين تكون الأحلام أكبر من الليل

🦋 ابتهال احمد الموسوي 🦋


في سكون الليل وهدوءه، حيث تتسلل الأحلام إلى واقعنا مختبئة خلف اغفاءة عين، يظن الكثير منا أن هذه الأحلام الملونة هي أقصى ما يمكن أن نصل إليه... 

لكن، هل فكرنا يومًا أن هناك أحلامًا أخرى، أحلام حقيقية، تحمل في طياتها جوهر وجودنا وسبب استيقاظنا كل صباح؟ هذه الأحلام لا تأتينا في عالم  النوم بل هي تلك التي تبقينا مستيقظين، تلك التي تحفزنا وتدفعنا نحو العمل الدؤوب حتى تحقيقها. 

الأحلام التي نراها في نومنا متغيرة، تأتي وتذهب دون سابق إنذار. قد تكون مصدرًا للإلهام أو الراحة أحيانًا، لكنها غالبًا ما تفتقد إلى الثبات والدوام. على النقيض، الأحلام الحقيقية هي تلك التي تستقر في أعماقنا، تلك التي تجعلنا ننهض كل صباح بتصميم وإصرار. هي ليست مجرد ظواهر ليلية، بل هي أهداف وطموحات تنير دربنا في الحياة، تدفعنا لتخطي العقبات والسعي بلا كلل نحو تحقيقها.

الفرق الجوهري بين هذين النوعين من الأحلام يكمن في الأثر الذي يتركه كل منهما على حياتنا. الأحلام التي نراها أثناء النوم قد تبهجنا للحظات، لكن الأحلام الحقيقية تمنح حياتنا معنى وغاية. هي تشكل جزءًا لا يتجزأ من هويتنا وتجسد قدرتنا على الخلق والابتكار.

الأحلام الحقيقية تعمل كبوصلة توجهنا في رحلة الحياة، فهي تحدد مساراتنا وتساعدنا على تحديد الأهداف التي نطمح إلى تحقيقها. من خلال السعي وراء هذه الأحلام، نكتشف قدراتنا الكامنة ونتعلم كيف نواجه التحديات بشجاعة وثبات. كل حلم نحققه يضيف إلى حياتنا طبقة جديدة من الإنجاز والرضا.

العديد من الشخصيات التاريخية والمعاصرة قدمت لنا أمثلة حية على كيفية تحويل الأحلام إلى واقع. العالم ابن الهيثم: المعروف بأبي البصريات، كان حلمه بفهم كيفية الرؤية والضوء محركًا لابتكاراته واكتشافاته. استطاع من خلال أحلامه وسعيه المتواصل أن يضع أساسيات البصريات الحديثة، العلماء الذين غيروا فهمنا للعالم من خلال اكتشافاتهم، جميعهم كان لديهم حلم ورؤية تقودهم. هؤلاء الأشخاص لم يكتفوا برؤية أحلامهم خلال النوم؛ بل جعلوها محركًا يدفعهم نحو العمل الجاد والمثابرة، مؤكدين أن الحلم مهما بدا بعيد المنال يمكن تحقيقه بالإيمان والإصرار.

تحقيق الأحلام يتطلب أكثر من مجرد الرغبة؛ يتطلب تخطيطًا استراتيجيًا وعملًا دؤوبًا. من المهم تحديد الأهداف بوضوح ووضع خطة عملية لتحقيقها. تقسيم الهدف الكبير إلى أهداف فرعية أصغر يجعل العملية أكثر قابلية للإدارة ويساعد على تتبع التقدم.

 الصبر والمثابرة عنصران أساسيان في رحلة تحقيق الأحلام عن النبي صلى الله عليه وآله قال: "المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كلٍ خير. احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز". فالطريق لن يكون مفروشًا بالورود دائمًا؛ سنواجه عقبات وتحديات قد تبدو في بعض الأحيان مستحيلة...

ولكن، الإصرار على المضي قدمًا وعدم الاستسلام للفشل والتوكل على الله (وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ)  هو ما يميز الأحلام التي تصبح واقعًا عن تلك التي تظل مجرد أفكار.

إلى جانب الصبر والمثابرة، الشغف هو الوقود الذي يحافظ على حيوية الحلم. الشغف بفكرة أو هدف يزودك بالطاقة والدافع للتغلب على التحديات والاستمرار في السعي نحو تحقيق حلمك. علاوة على ذلك، الاستعداد للتعلم والتكيف أمر ضروري؛ فالطريق إلى تحقيق الأحلام غالبًا ما يتطلب منا تطوير مهارات جديدة واكتساب معارف جديدةقال رسول الله صلى الله عليه وآله : "إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلًا أَنْ يُتْقِنَهُ"..

التواصل وبناء شبكة دعم قوية يمكن أن يكون لهما تأثير كبير على قدرتنا على تحقيق أحلامنا. 

الأفراد الذين يشاركوننا أهدافنا ويدعموننا في رحلتنا يمكن أن يقدموا لنا المشورة، الإلهام، والمساندة في الأوقات الصعبة، لا ينبغي أبدًا الاستهانة بقوة كونك محاطًا بأشخاص يؤمنون بحلمك.

الأحلام الحقيقية هي تلك التي تستحق السهر من أجلها. هي ليست مجرد خيالات ليلية، بل هي تلك الرغبات العميقة التي تدفعنا للتحدي والعمل الجاد. تحقيق هذه الأحلام يتطلب أكثر من مجرد الأمل؛ يتطلب إصرارًا وتفانيًا واستعدادًا لتجاوز العقبات مهما كانت صعبة.

في النهاية، كل واحد منا يحمل داخله القدرة على تحقيق الأحلام العظيمة.

 السؤال ليس ما إذا كان بإمكاننا تحقيق أحلامنا، بل ما إذا كنا على استعداد للقيام بما يلزم لجعل هذه الأحلام حقيقة!!

دعونا نتخذ الخطوة الأولى اليوم، مدفوعين بالشغف والإصرار، نحو تحقيق أحلامنا الحقيقية، وتذكروا، الحلم الحقيقي هو ذلك الذي لا يترك لك مجالًا للنوم حتى تراه يتحقق أمام عينيك قال رسول الله صلى الله عليه وآله : "ادْعُوا اللَّهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالإِجَابَةِ، .

شارك المقالة عبر:

اترك تعليقا: