الدور الرساليّ بمعية الرسول..!

 




كوثر العزاوي ||

الحديث عن تلك السيدة العظيمة “خديجة القرشية”حديث يرقى بها ومعها إلى مصافّ صدّيقات الجنان، لما تميزت به من مزايا وسمات ملكوتية، هذه الشخصية التي حظيت بمكانة اجتماعية مرموقة في الجاهلية وقد زادها الله شرفا ورفعة عندما اقترنت بسيد الخلق، وكانت أول القوم تتقدّمهم ولم يسبقها احد سوى أمير المؤمنين عليّا “عليه السلام” كما كان لها من السمات والمواقف المتميزة ماجعلها تتناسب مع عظمة شخصية النبي وتنسجم مع اهدافه وكمالاته، فهي تصلح لذلك الدور الرساليّ الذي ينتظرها، الدور الحافل بالجهاد والصبر والتضحية، فالسيدة الثرية التي كانت تملك ثروة طائلة، وتدير تجارة عظيمة، لم تغرّها زبارج الدنيا وزينتها، ولم تبحث عن اللذة لأجل اللذة، ولا عن المال والشهرة، ولم تتمَلَّكْها دنيا الراحة والدعة، لانها كانت تبحث عمن يخدم هدفها الأسمى في الحياة، لأجل الهدف المرتبط بالسماء الذي ادخرته يد الغيب لتجسد الدور المهم والخطير الملقى على عاتقها جنبًا إلى جنب مع رسول الإنسانية، قرينة صادقة مخلصة من أجل تحقيق الرسالة الإلهية في بناء مجتمعٍ توحيديّ، وإنارة الطريق بمشعل الهداية في زمن خيَّم على المجتمع ظلام الجهل والعصبية القبلية، لكنها وبمعيّة خاتم الرسل والرسالات، تحمّلت أعباء الحياة ومشاقّ الدعوة، راضية بالفقر صابرة على الأذى وسخرية نساء قريش، وانتقادهنّ اللاذع لها، مايدلّ على أن هدفها أسمى وأعلى من كونها زوجة فقط، ويؤكد هذا الكلام رفضها لكثير من وجهاء قريش ممن تقدّموا لخطبتها بل وأكثر من ذلك، أنها هي من عَرضَت نفسها على النبيّ لتكون في خدمته، فالمواقف الرائدة لهذه السيدة العظيمة لاعدد لها وحسبها فضلًا عظيمًا أن تكون وعاءًا للعصمة وأمًّا لفاطمة سيدة نساء العالمين، لذا فلا اقلّ من أن تكون مدرسة للأجيال يقتدي بها النساء فضلًا عن الرجال على مرّ التاريخ، ونتيجة إخلاصها وبصيرتها ووعيها كان رسول الله “صلى الله عليه وآله وسلم” يخبرها بما يحدث معه، فقد ورد أنّ أوّل تواصلٍ لجبرئيل برسول الله “صلى الله عليه وآله” أخبرها به، فكانت المصدِّقة له في ذلك، كما كانت قبل البعثة تهتم وتتفاعل إيجابًا مع اهتمامات رسول الله “صلى الله عليه وآله وسلم”، فكان حينما يصعد إلى جبل حراء تواكبه بالطعام والشراب ومعينة له في ما يقوم به من عمل ومايتولى من تكليف، وقد زاد اهتمامها أكثر بالنبي بعد البعثة الشريفة مواكبة له متعهدةً شؤونه، وقد حظيت هي أيضا برعايته وحبّه فكان يواسيها ويردّ الاقاويل عنها، وكان لها كما كانت هي له، السكن والمعين والناصر والوزير والعضد، وقد حزن لوفاتها حزنا شديدا شهد له التاريخ بذلك، لدرجة انه كفّنها بردائه المبارك ونزل إلى حفرتها قبل الدفن، إذ لم يعهد مثلها إلا القليل من صانعي التاريخ حتى عُدّ نصرها للرسول والرسالة أحد الدعائم التي قام عليها الإسلام بدليل قول النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله”
{ما قام ولا إستقام ديني إلا بشيئين: مال خديجة وسيف عليّ بن أبي طالب}”عليهما السلام”
السلام على أم المؤمنين خديجة الكبرى.

١٠-رمضان-١٤٤٥هج
٢١-آذار-٢٠٢٤م

شارك المقالة عبر:

اترك تعليقا: