حماية الأسرة و المساهمة في رفع المستوى المعيشي

 


حماية الأسرة و المساهمة في رفع المستوى المعيشي

تعتبر الأسرة أهم خلية يتكون منها جسم المجتمع البشري إذا صلحت صلح المجتمع كله ، وإذا فسدت فسد المجتمع كله، في كنفها يتعلم النوع الإنساني أفضل أخلاقه . إذ فيها ينشأ الفرد وفيها ، تنطبع سلوكياته ،وتبقى أثارها منقوشة فيه ، يحملها معه ، ويورثها ذريته من بعده

الأسرة هي النواة الأولى للمجتمع، وتمثل الأساس الاجتماعي في تشكيل وبناء شخصيات أفراد المجتمع والامة والزواج اصلها ,شرعه الله تنظيما للفطرة يتميز به الانسان الذي كرمه الله ورفعه من حضيض الحيوانية في تلبية الفطرة وحفظ النسل والنسب يقول تعالي :-( والله جعل لكم من انفسكم أزواجا وجعل لكم من ازواجكم بنين وحفدة ورزقكم من الطيبات )صدق الله العظيم

تتوحد الاسرة بابنائها في ظل المقومات الربانية من سكن القلب واطمئنان النفس وراحة الضمير وحيث تضفي على أبنائها خصائصها ووظيفتها.

والمجتمع بوجه عام يتكون من أسر ولم يوجد مجتمع عبر التاريخ أقام بناءه على غير الأسر وبذلك تعدّ الأسرة عنوان قوة تماسك المجتمع أو ضعفه لأنها مأخوذة من الأسر وهي القوة والشدة ، فهي تمثل الدرع الحصين لأفرادها ، باعتبار أن كلا من الزوجين يعتبر درعا للآخر .وفي ظل هذه العلاقة يزن ميزان العدل التزاماتها فبينما تتحمل الام تبعات الحمل والولادة والارضاع والرعاية يتحمل الرجل مسئولية الكسب والانفاق لتوفير سبل الراحة المادية مقابل بذل الام النفسي والعاطفي والجسدي. فتتكامل المسئوليات لتتنتج وحدة اجتماعية متجانسة هي الاسرة المستقرة الامنة بالمودة والرحمة , " ومن آياته ان خلق لكم من انفسكم ازواجا لتسكونو اليها و جعل بينكم مودة و رحمة " لقد اعتبر الاسلام الاسرة اللبنة الاساسية في المجتمع و احاطها بالتشريعات و الاحكام التي تجعلها واحة سكن و امان للأفراد . و تحقق قيامها على اسس العدالة و المساواة . و المودة والرحمة والمغفرة و الصفح ... و البر و حسن الصلة ... " يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس ، واحدة، و خلق منها زوجها و بث منها رجالا كثيرا ونساء ، و اتقوا الله الذي تساءلون به و الارحام ، ان الله كان عليكم رقيبا " النساء (1) .

من الثابت في علم النفس ان نظرة الانسان الى نفسه و القناعات التي يؤمن بها من أقوى المؤثرات في سلوكه و القرآن الكريم يقرر ان المرأة شق الرجل في الانسانية له ما لها و عليها ما عليه . و أن قاعدة الحياة البشرية هي الاسرة فتقوم الاسرة الاولى من ذكر و انثى هما من نفس واحدة . و طبيعة واحدة و فطرة و احدة ، وبالتالي الاعتراف بالمرأة إنسانا له كرامته و حقوقه ، وانها انسان خلقت لانسان ، ،

و نفس خلقت لنفس ، و شطر مكمل لشطر ، و انها و الرجل ليسا فردين متماثلين ، و انما هما زوجان متكاملان بهما تقوم الحياة .

"و اتقوا الله الذي تساولون به و الارحام ، ان الله كان عليكم رقيبا ".

و وجه كلا الزوجين الى تقوى الله الذي تتعاهدون باسمه ، و تتعاقدون باسمه و جعل عقد الزواج اساس بناء الاسرة و سمّاهُ ( الميثاق الغليظ ) . و قرر العقد ما بينهما من الحقوق والواجبات المتبادلة مما به تحسن العشرة و تطيب الحياة . " ومن آياته ان خلق لكم من انفسكم ازواجا لتسكونو اليها و جعل بينكم مودة و رحمة "

إن تحقيق السكينة في محيط الاسرة مسؤولية مشتركة بين الزوجين من هذه الآية الكريمة . و أن تبادل المودة والرحمة بين الزوجين هي الطريق المؤدي لتحقيق هذه السكينة المرجوة .

فالزوج مطلوب منه اظهار مودته لزوجته بالكلمة الطبية او اللمسة الحانية وان يرحم ضعفها ويعينها في اعمالها سواء داخل البيت او خارجه ، او يفاجئها بهدية بسيطة او بنزهة قصيرة . و ان يشاركها طموحاتها و تطلعاتها في الحياة . و كذلك المرأة مسؤولة عن اظهار مودتها لزوجها بالابتسامة و اللقاء الطيب و حسن المظهر " اذا نظر اليها اسرته " و تحرص على ادخال السرور الى قلب زوجها . و ان تكون مستودعا لهمومه و عونا له سواء العون المادي او المعنوي و تصبر على ظروفه و احواله ، و تحفظه في نفسها و ماله .( اذا غاب عنها حفظته ) .

و تشاركه اهدافه و آماله فنجاحه نجاحها و نجاحها نجاح له ، فهما نفس واحد التقتا في اسمى علاقة انسانية و اقدسها .

و حرصا من الاسلام على نجاح الحياة الزوجية ، وجه الله سبحانه و تعالى الرجل الى حسن معاشرة المرأة .. بقوله " و عاشروهن بالمعروف ...."

فالاية الكريمة تضع المؤمن امام واجب يجب تحقيقه،وهو أن يجعل زوجته راغبة فيه و ذلك بالكلمة الطيبة و التقديم لرغبته ، و في هذا أجر و صدقة للمؤمن " ولعل هذا التوجه وقاية للمرأة مما اصطلح على تسميته ( بالعنف الجنسي ).

" لحماية الأسرة بنى الاسلام المجتمعات في ادارتها و تنظيم شؤونها مع تعيين مصدر القوامة فيها – على اساس الشورى و تبادل الرأي ، يشاور الرئيس المرؤس ، و الحاكم المحكوم . " و أمرهم شورى بينهم " .وهي اساس لكل مجتمع حتى مجتمع الرجل وزوجته في البيت و الاسرة و قد جاء ذلك في صريح القرآن الكريم فيما يتعلق بحق ابداء الرأي في فطام الطفل و رضاعه ، و لم يجعل للرجل ولا للمرأة حق الاستئثار به دون الرجوع الى صاحبه .

لحماية الأسرة لابد أن تعتمد على ثلاثة محاور أساسية وهي :المحور الديني ، المحور الإجتماعي و المحور السلطاني.

و حماية الأسرة هو ضرورة قيام الأسرة عند الاختيار على مبادئ الدين وقواعده؛ وذلك اعتمادًا على عدد من النصوص الشرعية،

ولحماية الاسرة، تجعل الشريعة لعقد الزواج أهمية خاصة وتحيطه بضوابط تفصيلية وشروط أشدّ وأكثر من سائر العقود الأخرى.

وهو ما يحمل النفس على احترام تلك العلاقة وإعطائها نوعًا من القداسة يمنع النفس ويحجزها من أن تمسّ تلك العلاقة بما يُعَكِّر صفوها أو يُكَدِّر نقاءها، ويكفي بيانًا لتلك الأهمية أن الله ((عز وجل)) سمى عقد الزواج «ميثاقًا غليظًا» وأمر بالوفاء بكل متطلباته

و لحماية الأسرة تحرص الشريعة على تضييق أسباب الفرقة، وتبغيض الطلاق والتنفير منه، وعلى ترغيب كل من الزوجين في الحرص على البناء الأسري بأقصى قدر من الصبر والتحمل.

كما تفرض لحل الخلاف بين الزوجين آليات ووسائل متعددة تضمن عدم التسرع في افتراقهما اذا اشتد الخلاف بين الزوجين – و عجزا عن اصلاح ما بينهما فان كلا يعرف حدوده ولا يتجاوز في ايذاء صاحبه ولا يحاول اهانته او قهره فانه يكون في اقصى مراتب الوجوب على اهل الزوجين لانهم اشد الناس حرصا على سعادة الاسرة بمقتضى صلات القرابة؛-( و ان خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من اهله و حكما من اهلها ان يريدا اصلاحا يوفق الله بينهما ان الله كان عليما خبير)ا". وهو توجيه من الله للحكمين نحو الاخلاص في المهمة ، و صدق الادارة و تحري العدل ، و العمل جهدهما على انقاذ الاسرة من الشقاق او اسباب العنف .

و لحماية الاسرة تم عمل التشريعات القانونية المُنُظِّمَة للعلاقات الزوجية، رَهْنٌ بنجاحها في حل المشكلات الزوجية، وبإقامة العدالة والتوازن بين حقوق كل من الزوجين وواجباتهما في إطار أحكام الشريعة الإسلامية.

و لحماية الأسرة على الدولة تيسير سبل التقاضي وسرعة الفصل في المنازعات الزوجية وضمان تنفيذ الأحكام فور صدورها وبصورة لائقة وكريمة حرصًا على حُسْن العلاقات بين الأُسَر وعلى عدم الإضْرار بالأولاد .

شارك المقالة عبر:

اترك تعليقا: